الكركم: خصائص طبية فريدة وفوائد متعددة
يُعد الكركم (Curcumin)، (الاسم العلمي: Curcuma longa)، أحد أشهر التوابل وأكثرها استخدامًا. إذ تكاد لا تخلو منازلنا من الكركم المسحوق أو جذوره الطازجة. وبدأ استخدامه في الهند منذ آلاف السنين في المطبخ الهندي والطب التقليدي، حتى يومنا هذا. فإضافةً إلى أنه يُضفي مذاقًا طيبًا على الطعام، فإنه يحمل خصائص طبية متعددة تعود بالفائدة على صحة الجسم. إذ يحتوي الكركم على مركبات حيوية فعالة قد تكون مسؤولة عن هذه الفوائد التي يقدمها.
فوائد الكركم لصحة الجسم
يتميز الكركم باحتوائه على مركبات تُعرف بالكركمينويدات (Curcuminoids)، ويُعد أشهرها مركب الكركمين (Curcumin)، الذي يُعد المركب الحيوي الأساسي في الكركم، والذي يحمل خصائص طبية متعددة. وفي النقاط الآتية سنلقي الضوء على أبرز الفوائد التي يقدمها الكركم:
1. يحمل خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب
يحتوي الكركم على نسبة جيدة من مضادات الأكسدة. والتي بدورها تحدّ من نشاط الجذور الحرة (Free radicals) المسؤولة عن تلف الخلايا، وبالتالي الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة. ووفقًا للأبحاث فإن الكركمين الموجود في الكركم قد يساهم أيضًا في تعزيز نشاط مضادات الأكسدة الأخرى في الجسم. وبالتالي تعزيز صحة الجسم وتقليل خطر إصابته بالأمراض المزمنة. من جهة أخرى، يُعد الكركمين من مضادات الالتهاب الذي له دور أيضًا في الإصابة بالأمراض المزمنة.
2. يحسن المزاج ويقوي الذاكرة
من فوائد الكركم أنه يساهم في تحسين الوظائف المعرفية والإدراكية، ويعزز صحة الدماغ. ويرجع ذلك إلى خصائصه المضادة للأكسدة التي تكافح الجذور الحرة ، المسؤولة عن اضطرابات المزاج، وضعف الذاكرة، والأمراض الانتكاسية العصبية المرتبطة بالتقدم في السن مثل ألزهايمر والخرف. وترتبط هذه الأمراض أيضًا بانخفاض مستوى البروتين المغذي للخلايا العصبية الذي يُعرف بعامل النمو العصبي المستمد من الدماغ (Brain-derived neurotrophic factor (BDNF)). وهو أحد البروتينات الأساسية المسؤولة عن تكوين اتصالات عصبية جديدة وزيادة عددها في أجزاء محددة من الدماغ، مثل الأجزاء المسؤولة عن الذاكرة، والتعلم، والأكل، والشرب، ووزن الجسم. أمّا عن دور الكركمين في هذا الصدد، فهو يساهم في زيادة مستوى هذا البروتين في الدماغ، وبالتالي يُحسن الذاكرة، والمزاج، والوظائف الإدراكية والمعرفية، بالإضافة إلى أنه يقلل خطر الإصابة بالأمراض مثل الخرف، وألزهايمر.
3. يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب
يفيد الكركم صحة القلب بطرق عدّة، فهو يُحسن من وظائف بطانة الأوعية الدموية (Endothelium)، مما يساهم في تنظيم ضغط الدم، وتقليل تخثّر الدم داخل الأوعية الدموية. ويساهم الكركمين في تقليل عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، بما فيها السكري من النوع الثاني، وارتفاع الكوليسترول، والالتهاب، وذلك من خلال دوره في خفض مستوى السكر في الدم، والكوليسترول والدهون الثلاثية، بالإضافة إلى مساعدته على خسارة الوزن الزائد، وتقليل مستوى بروتين سي التفاعلي (C-reactive protein) الذي ينتجه الكبد استجابةً لحدوث الالتهاب في الجسم. من جهة أخرى، تظهر الدراسات أن تأثير مكملات الكركمين الغذائية في تحسين صحة القلب مشابه لتأثير ممارسة التمارين الرياضية لدى السيدات في فترة ما بعد انقطاع الطمث.
4. يقلل خطر الإصابة بالسرطان
أُجريت العديد من الأبحاث والدراسات حول دور الكركم في التقليل من خطر الإصابة بالسرطان. وأثبتت نتائج بعض هذه الدراسات أنّ مركب الكركمين الموجود في الكركم من المركبات المساعدة في خطة علاج السرطان. فهو يساهم في موت الخلايا السرطانية، ويقلل من انتشارها، كما أنه يقلل من نمو أوعية دموية جديدة في الورم السرطاني. من جهة أخرى، قد يساعد الكركم على الوقاية من الإصابة بالسرطان، خاصة السرطان الذي يصيب الجهاز الهضمي مثل سرطان القولون والمستقيم. كما تشير الأبحاث إلى أنّ مكملات الكركمين الغذائية قد تساعد على تقليل الآثار الجانبية لعلاجات السرطان مثل العلاج بالأشعة، والعلاج الكيميائي، مما يُحسن من جودة حياة المرضى الخاضعين لهذه العلاجات.
5. يخفف من آلام التهاب المفاصل
تشير الأبحاث إلى أنّ خصائص الكركمين المضادة للالتهاب تساهم في التخفيف من الأعراض المصاحبة لالتهاب المفاصل (Arthritis) مثل الألم، وتلف المفاصل، والانتفاخ بتأثير مشابه لتأثير الأدوية المضادة للالتهاب اللاسترويدية (Nonsteroidal anti-inflammatory drugs)، أو ما يُعرف اختصارًا بـ NSAIDs. من جهة أخرى وجد أنّ الكركم ساعد في تحسين وظائف الركبة وقلل من أعراض التهابها، كما قلل الحاجة لاستخدام الأدوية المضادة للالتهاب اللاسترويدية من قِبل الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل العظمي (Osteoarthritis).
6. يحسن مستوى سكر الدم
يساعد الكركم على ضبط مستوى السكر في الدم وتقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بفضل محتواه من الكركمين. فهو يساعد على تحسين عمليات أيض الجلوكوز، وتحسين حساسية الخلايا للأنسولين، بالإضافة إلى تحسين مستوى الكوليسترول في الدم. من جهة أخرى، يرتبط الالتهاب المزمن بمقاومة الأنسولين، لذا فإنّ دور مركب الكركمين في التقليل من الالتهاب يساهم في التقليل من مقاومة الأنسولين، التي ينتج عنها زيادة قدرة الخلايا على استخدام الجلوكوز من الدم، وبالتالي تحسين مستوى السكر في الدم.
الجرعة الموصى بها من الكركم
يُعدّ الكركم أحد الأعشاب شائعة الاستخدام في الطعام، إذ يمكن إضافته مسحوقًا أو طازجًا إلى مجموعة متنوعة من أصناف الطعام للاستفادة من فوائده المتعددة. كما أنه متوفر على شكل مكملات غذائية تحتوي على نسبة أعلى من مركب الكركمين. لا توجد جرعة محددة لتناولها من الكركم، لكن يمكن تناول ما يتراوح بين 500-1500 مليغرام من مستخلص الكركم المتوفر في المكملات الغذائية عدّة مرات في اليوم لمدة تصل إلى 6 أشهر. وتشير الأبحاث إلى أن تناول ما يتراوح بين 4000-8000 مليغرام من الكركمين يوميًا لفترة قصيرة يُعد آمنًا. ومن الجدير بالذكر أنّ الكركم لا يُعد سهل الامتصاص، لذا يُنصح بإضافته إلى الفلفل الأسود الذي يحتوي على مركب البيبرين (Piperine) الذي يزيد من امتصاص الكركم. وأيضًا يُعد الكركمين من المركبات الذائبة في الدهون، لذا يُنصح بتناوله مع وجبة غنية بالدهون الصحية.
التداخلات الدوائية للكركم
قد يتعارض استخدام الكركم مع بعض الأدوية، فهو إما سيقلل من تأثير الدواء، أو يزيده. وبذلك يُنصح باستشارة الطبيب المختص قبل تناولهما معًا، ومن هذه الأدوية:
- مميعات الدم.
- أدوية ضغط الدم المرتفع.
- أدوية السكري.
- مضادات الاكتئاب.
- أدوية السرطان.
يوفر الكركم عددًا من الفوائد الصحية للجسم بفضل محتواه من مركب الكركمين الفعال. فهو يساهم في تقليل الالتهاب وزيادة مضادات الأكسدة في الجسم، ويعزز صحة الدماغ والأعصاب من خلال تحسين الذاكرة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتقدم في السن. كما أن له دور في تحسين صحة القلب، وتقليل ألم المفاصل، وغيرها من الفوائد التي ذكرناها أعلاه. ويسهل استخدام الكركم للحصول على فوائده الجمة، إذ يمكن إضافته للطعام والمشروبات، أو بتناول مكملاته الغذائية تحت إشراف الطبيب المختص أو الصيدلي.