كيف يمكن للطعام أن يساهم في علاج الأكزيما؟ تعرف على الأطعمة المسموحة والممنوعة

كيف يمكن للطعام أن يساهم في علاج الأكزيما؟ تعرف على الأطعمة المسموحة والممنوعة

 

بفضل ازدياد الوعي حول علاقة النظام الغذائي بالصحة، ازداد قلق العديد من المرضى من تأثير الطعام في مفاقمة المشكلات الصحية بما فيها الأكزيما، التي تُعدّ أكثر من مجرد مشكلة جلدية سطحية، بل هي انعكاس لصحة الجسم الداخلية واستجابته المناعية. إذ تلعب التغذية دورًا محوريًا في تهدئة الأعراض أو تفاقمها، إذ يمكن لبعض الأطعمة أن تقلل الالتهاب وتعزز تجديد خلايا الجلد، بينما قد تحفز أخرى التهيج وتزيد الحكة والجفاف. وفي هذا المقال، سنوضح علاقة النظام الغذائي بمرض الأكزيما، ونستعرض الأطعمة التي يُنصح بتناولها لدعم صحة الجلد، وتلك التي يجب تجنبها للحد من تهيج الجلد والتهابه.

 

كيف يؤثر الطعام في الأكزيما؟

مؤخرًا مع تسارع الحياة، ازداد استهلاك الأطعمة المصنعة والمعالجة التي تتميز بسرعة وسهولة تحضيرها، ومذاقها المحبب، وبكونها مستساغة، ومنخفضة التكلفة. وتصنف هذه الأطعمة وفقًا لدرجة معالجتها على النحو الآتي: الأطعمة المعالجة بالحد الأدنى، مثل الحليب المبستر والخضروات المجمدة، والتي تحتفظ بمعظم قيمتها الغذائية، والتي تعالج لجعلها مستساغة للأكل، ولزيادة مدة صلاحيتها. والأطعمة المعالجة التي تشمل الخبز، الجبن، والمعلبات، التي يضاف إليها الملح أو السكر والزيت وبعض المواد الحافظة.

 وأخيرًا الأطعمة فائقة المعالجةUPF  والتي تُعد الأكثر ضررًا، لاحتوائها على مكونات صناعية مثل المستحلبات والنكهات الاصطناعية، والدهون المهدرجة، والملونات، وكميات عالية من الملح أو السكر. وغالبًا ما تكون جاهزة للأكل، وذات نكهة قوية، ويمكن أن تسبب الإدمان الغذائي. تشمل المشروبات الغازية، والشيبس، والحلويات المغلفة، واللحوم المصنعة، والوجبات السريعة. 

وأشارت الدراسات إلى أنّ زيادة استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة مرتبطٌ بزيادة الإصابة بالالتهابات المزمنة، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالأمراض المزمنة غير المعدية مثل الأمراض الجلدية، بما فيها الأكزيما. وتُعزى التأثيرات السلبية إلى أسباب عدّة:

  1. احتوائها على السكريات يزيد من السيتوكينات الالتهابية، ويرفع مستوى السكر في الدم، وبالتالي يحفز زيادة الأنسولين مما يؤدي إلى زيادة الالتهاب.
  2. تؤدي الزيوت المهدرجة إلى زيادة أوميغا-6 التي تعزز الالتهاب إذا لم تتوازن مستوياتها مع الأوميغا-3.
  3. احتوائها على المواد الحافظة والمستحلبات والملونات والمنكهات الصناعية يزيد من تراكم الجذور الحرة المسببة للإجهاد التأكسدي الذي يؤدي إلى تلف الخلايا وبالتالي الإصابة بالأمراض المزمنة.
  4. افتقارها إلى الألياف الغذائية يؤثر سلبًا في توازن ميكروبيوم الأمعاء المتمثل بمجموع الكائنات الحية التي تعيش داخل الأمعاء من فطريات، وبكتيريا نافعة.

وتشير الأبحاث إلى وجود علاقة بين صحة الأمعاء والأكزيما، إذ يرتبط توازن الميكروبيوم المعوي والجلدي بتطور المرض، خاصة لدى المصابين بالتهاب الجلد التأتبي أو الأكزيما. يمكن أن يؤدي خلل توازن الميكروبات، مثل زيادة البكتيريا الضارة ونقص النافعة، إلى استجابة مناعية التهابية تفاقم أعراض الأكزيما. كما تساهم النفاذية الزائدة للأمعاء في تسهيل مرور مواد غير مرغوب بها إلى الدم، مما يحفز الالتهاب. وبذلك فإنّ تناول الأطعمة فائقة المعالجة يخل في هذا التوازن، في حين تلعب البكتيريا النافعة دورًا في دعم صحة الأمعاء، لكن نسبتها تكون أقل لدى مرضى الأكزيما، مما يزيد من تفاقم الحالة.

 

ما الحمية الغذائية التي يُنصح باتباعها للتخفيف من الأكزيما؟

يهدف اتباع حمية محددة للأكزيما إلى تخفيف الالتهاب في الجسم وتحسين صحة الأمعاء، وتخفيف الألم والأعراض لدى الأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية والأكزيما. وفي هذه الحالة يُنصح باتباع نظام يُعرف بـ نظام البروتوكول المناعي الذاتي (AIP) الغذائي أو اختصارًا بـ AIP. ويعتمد هذا النظام بشكل أساسي على تجنب تناول الأطعمة المسببة للالتهاب، ثم إعادة إدراجها إلى النظام الغذائي تدريجيًا عند تحسن الأعراض.

 

ما مبدأ عمل نظام البروتوكول المناعي الذاتي الغذائي AIP؟

يتألف نظام البروتوكول المناعي الذاتي الغذائي AIP من مرحلتين أساسيتين:

1.    مرحلة الإقصاء

تتمثل مرحلة الإقصاء بالامتناع عن الأطعمة والأدوية التي من المعتقد أنها تسبب الالتهاب، أو تؤثر في توازن البكتيريا في الأمعاء، أو تحفز الاستحابة المناعية. وتتضمن بعض الأطعمة مثل الحبوب، ومنتجات الألبان والأجبان، والأطعمة التي تحتوي على السكر المضاف مثل العصائر والمشروبات الغازية والحلويات بشتى أنواعها. إضافة إلى الأطعمة فائقة المعالجة التي ذكرناها في السابق. كما يجب الامتناع عن التدخين.

في المقابل يجب تناول الأطعمة الطازجة وغير المعالجة مثل الأسماك والدواجن، والخضروات والفواكه الطازجة أو المطبوخة، والحبوب الكاملة، والأطعمة المخمرة والمخللات، والزيتون وزيت الزيتون. مع الحرص على تقليل التوتر، وممارسة التمارين الرياضية، والحصول على قسط كافٍ من النوم.

أمّا عن مدة هذه المرحلة فتختلف من شخص لآخر، وفقًا لدرجة تحسن الأعراض. لكن عادةً ما تُتبع لمدة تتراوح بين 30-90 يومًا. لكن قد يلاحظ البعض تحسنًا في الأعراض بعد مرور 3 أسابيع فقط.

 

2.    مرحلة إعادة الإدخال

تبدأ مرحلة إعادة الإدخال فور حدوث تحسن في الأعراض. وتتمثل بإعادة إدخال الأطعمة التي أُقصيت في المرحلة الأولى ولكن بشكل تدريجي. إذ تهدف هذه المرحلة إلى تحديد الأطعمة التي تسبب الأعراض وإعادة إدخال تلك التي لا تؤثر سلبًا في الجسم، مع الاستمرار في تجنب الأطعمة التي تؤدي إلى تفاقم الحالة. وبهذا يمكن للشخص تحقيق أكبر تنوع ممكن في نظامه الغذائي دون المعاناة من أي أعراض.

ومن المهم إعادة إدخال الأطعمة بشكل تدريجي، وذلك بإدخال نوع واحد من الطعام في كل مرة، ثم الانتظار لمدة 5-7 أيام قبل تجربة نوع جديد. هذه الفترة تمنح الجسم فرصة كافية لملاحظة أي ردود فعل قبل الاستمرار في إضافة أطعمة أخرى. وبذلك يمكن إعادة إدخال الأطعمة التي لا تسبب أي أعراض إلى النظام الغذائي، في حين يجب الاستمرار في تجنب تلك التي تؤدي إلى ظهور المشاكل. مع أخذ بعين الاعتبار أنّ قدرة الجسم على تحمل بعض الأطعمة قد تتغير مع مرور الوقت، لذلك يجب مراقبة الأطعمة المتناولة والأعراض التي قد تصاحبها.

 

إذا كنت تعاني من الأكزيما وتظن أنّ أحد الأطعمة قد يفاقم الحالة ويزيد من تهيج الجلد، فلا بُد من مراقبة الأطعمة التي تتناولها لمعرفة أيها ملائم وأيها يزيد من الأعراض، والتي ذكرنا أبرزها في هذا المقال. وعادةً ما يُنصح مرضى الأكزيما بتناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة ومضادات الالتهاب، والابتعاد عن الأطعمة التي عادةً ما تسبب الحساسية، وذلك للحفاظ على الجلد من التهيج والالتهاب وتقليل أعراض الأكزيما