هل الحجامة مفيدة لمرضى السكري؟
تُعرف الحجامة بأنها أحد أشهر العلاجات التقليدية التي تُمارَس منذ آلاف السنين، والتي يلجأ لها الكثيرون لتحسين الصحة العامة. وفي السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام بالحجامة كوسيلة للتخفيف من بعض المشاكل الصحية ومن ضمنها السكري. إذ مع انتشار هذا المرض كأحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا في العالم، يرتئي المصابون به للبحث عن طرق علاج مختلفة تساعدهم على التحكم فيه وتحسين حالتهم الصحية. فهل حقًا هناك جدوى من العلاج بالحجامة لضبط مرض السكري؟
فوائد الحجامة المحتملة لمرضى السكري
يُعد السكري من الأمراض المزمنة الشائعة، والذي قد تصاحبه مشاكل صحية مختلفة، مثل أمراض القلب، و ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى الكوليسترول، ونقص التروية في الأطراف الناجم عن ضعف تدفق الدم إلى القدمين واليدين، إضافة إلى مشاكل العينين وغيرها الكثير. وعند الحديث عن تحسين صحة مريض السكري فإنه لا بد من أخذ هذه المشاكل الصحية بعين الاعتبار إلى جانب ضبط مستوى السكر في الدم، فهي لا تقلّ أهمية عنه.
وبذلك وبالاطلاع على مبدأ عمل الحجامة المتمثل بوضع أكواب مصنوعة من السيليكون أو الزجاج على أماكن محددة من الجسم، والذي يهدف إلى تحسين تدفق الدم في المنطقة المستهدفة، وتنقية الجسم من السموم، فإنه من الممكن للاستمرار في إجراء علاج الحجامة بانتظام أن يساهم في تحسين تدفق الدم وتحسين الدورة الدموية، والتخفيف من الالتهاب، كما يُعتقد أنه قد قد يخفض من ضغط الدم المرتفع، ويحسن مستويات الكوليسترول.
ومن الممكن للحجامة أيضًا أن تساهم في تحسين مستوى السكر في الدم لدى مرضى السكري. إذ أظهرت دراسة أُجريت على مجموعة من الأشخاص يعانون من السكري من النوع الثاني بإجراء مقارنة لعينة من الدم أُخذت قبل إخضاعهم لجلسات علاج شملت الحجامة والأدوية، وبعدها. وأظهرت نتائج هذه العينات تحسنًا ملحوظًا في مستوى السكر الصيامي، ومستوى السكر بعد ساعتين من تناول الوجبات، والسكر التراكمي hA1C، إضافة إلى تحسين مستوى الكوليسترول الكلي والكوليسترول الضار LDL، والكوليسترول الجيد HDL، والدهون الثلاثية.
أمّا في دراسة ثانية، فقد أخضعت مجموعة من المشاركين لممارسة الرياضة بانتظام إلى جانب العلاج الدوائي والحجامة، ومجموعة أخرى للعلاج الدوائي والرياضة فقط، تبيّن أنّ المجموعة التي عولجت بالحجامة تحسنت لديها مستويات السكر في الدم بشكل ملحوظ مقارنة بالمجموعة الأخرى. وهذه النتائج تصل بنا إلى استنتاج بأنّ الحجامة تُعد من العلاجات التكميلية الفعالة لتحسين مستوى السكر في الدم لدى مرضى السكري، والتي يمكن إجراؤها بانتظام مع الالتزام بالعلاج الذي يصفه الطبيب، واتباع نظام غذائي ملائم للحالة الصحية.
الآثار الجانبية التي قد تسببها الحجامة لمريض السكري
يُعد العلاج بالحجامة من العلاجات الآمنة، إلّا أنه قد يسبب بعض الآثار الجانبية الطفيفة لدى مرضى السكري والتي تتماثل مع تلك التي تصيب الأشخاص الأصحّاء. لكن، قد تتطلب الحالة الصحية لبعض مرضى السكري استخدامهم أدوية مميعات الدم أو مانعة التخثر، وبذلك فعلى هؤلاء الأشخاص تجنب العلاج بالحجامة واستشارة الطبيب المختص. أمّا عن الآثار الجانبية الشائعة فنذكر منها ما يأتي:
- الشعور بالدوار.
- ظهور علامات دائرية داكنة اللون في موضع الأكواب.
- ظهور الندب والكدمات.
- الصداع.
- الإعياء والغثيان.
من جهة أخرى، يُنصح مرضى السكري ممن يعانون من ضعف التئام الجروح بتجنب العلاج بالحجامة التي تتطلب إجراء جروح في الجلد، واستبدالها بالحجامة الجافة التي تعتمد على استخدام الأكواب وتفريغ الهواء منها دون إحداث جروح، إذ إن الجروح لدى هؤلاء الأشخاص تلتئم ببطء، وإذا ما عولجت بطريقة صحيحة قد تُصاب بالعدوى. ويحدث ضعف التئام الجروح في المقام الأول بسبب ارتفاع مستوى السكر في الدم لمستويات مرتفعة دون ضبط، والتي ينتج عنها أسباب أخرى، وهي:
- اعتلال الأعصاب، خاصة في الأطراف كالقدم واليدين، والذي يؤدي إلى فقدان الإحساس في هذه الأجزاء.
- ضعف المناعة التي قد ينتج عنها الإصابة بالعدوى.
- ضعف الدورة الدموية الذي ينتج عنه الإصابة بمرض الأوعية الدموية الطرفية الذي يُضعف تدفق الدم نتيجة تضيّق الأوعية الدموية.
لذلك يُنصح مرضى السكري ممن يعانون من ضعف في التئام الجروح باستشارة الطبيب المشرف على الحالة الصحية، واختصاصي الحجامة قبل الخضوع للعلاج بالحجامة لتجنّب المشاكل الصحية المحتملة.
تشكّل الحجامة موضع اهتمام لدى الكثيرين ممن يفضلون العلاج بالطرق الطبيعية والبديلة، فهي من العلاجات التقليدية الشائعة والتي بدأت منذ القدم، والتي تقدم عددًا من الفوائد لصحة الجسم، مثل تحسين صحة الجهاز الهضمي، وتحسين تدفق الدم، والتقليل من الألم والالتهاب. وإلى جانب ذلك فإنها قد تفيد مرضى السكري على وجه التحديد، وذلك من خلال تحسين مستوى السكر في الدم. لكن مع التأكيد على أنها علاج تكميلي للعلاج المعتاد من أدوية موصوفة، وحمية ملائمة.