تُعد الصدفية (Psoriasis) من الاضطرابات الجلدية المزمنة التي تسبب ألمًا وإزعاجًا للمصاب، فهي تتمثل بلويحات جلدية تظهر على أماكن متفرقة من الجلد مصحوبة بحكة واحمرار. تصيب الصدفية الفئات العمرية على اختلافها، لكن عمر الذروة يتراوح بين 12-25 عامًا و 50-60 عامًا. كما يؤثر كل من العامل العرقي والوراثي بزيادة فرص الإصابة بها. وحتى الآن لا يوجد علاج وحل جذري للصدفية، لكن يمكن للاستعانة بالطب التكاملي أن يساهم في التخفيف من أعراضها ونوبات تفاقمها.
ما هي الصدفية؟
تُعرف الصدفية بأنها مرض جلدي التهابي مزمن عادةً ما يظهر على المرفقين، والركبتين، وأسفل الظهر، وفروة الرأس على شكل طفح جلدي ترافقه بقع متقشرة وحكة واحمرار في الجلد. وتحدث الصدفية نتيجة اضطراب يصيب الخلايا الجلدية يؤدي إلى تكاثرها بمعدل يصل إلى 10 أضعاف معدل تكاثرها الطبيعي، الأمر الذي ينتج عنه تراكم الجلد على شكل طبقات وبقع بارزة. إذ عادةً ما يستغرق نمو طبقات الجلد وسقوط الطبقات الجلد الميتة منها ما يقارب الشهر، لكن في حال الإصابة بالصدفية فإنّ نموها يستغرق 3-4 أيام فقط وبدلًا من تساقط الطبقات الميتة تبدأ في التراكم. و قد يتأثر مظهرها باختلاف لون الجلد. ومن الجدير بالذكر أنّ الصدفية هي مرض مناعي ذاتي، وهو غير معدي ولا ينتقل من شخص إلى آخر، لكن قد يصيب الأفراد من العائلة نفسها.
ما هي أسباب حدوث الصدفية؟
ما تزال أسباب حدوث الصدفية غير واضحة حتى الآن، لكن توصل الأطباء إلى عاملين أساسيين قد يكونا وراء حدوث الصدفية، ولوحظ وجود ترابط بينهما:
1. الجينات
لاحظ العلماء وجود مجموعة من المتغيرات الجينية التي قد ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالصدفية، ومن المعتقد أنّ هذه المتغيرات قد تؤثر في سلوك الخلايا المناعية التائية (T-cells) التي عادةً ما يكمن دورها في مكافحة الميكروبات والفيروسات. ومن الجدير بالذكر أنّ الجينات المسببة للصدفية قد تنتقل عبر الأجيال، فإذا كان أحد الأشخاص مصابًا بالصدفية فإنّ فرصة إصابة أحد أفراد العائلة تزداد.
2. الاستجابة المناعية
ذكرنا في السابق أنّ الصدفية هي اضطراب مناعي ذاتي، ما يعني أنّ جهاز المناعة يهاجم خلايا الجسم عن طريق الخطأ. إذ تستهدف خلايا الدم البيضاء وتحديدًا الخلايا التائية خلايا الجلد، الأمر الذي يؤدي إلى استجابة مناعية غير طبيعية، تشمل توسع الأوعية الدموية، وزيادة عدد خلايا الدم البيضاء التي ينتج عنه تسريع عملية إنتاج خلايا جلد جديدة بحيث تنمو بمعدل أعلى من المعتاد، إضافةً إلى ارتفاع عدد خلايا الجلد والخلايا التائية، وتراكم خلايا الجلد الجديدة على سطح الجلد مكونة طبقات سميكة ومتقشرة تُعد أحد أبرز أعراض الصدفية. ويسبب هذا الهجوم المناعي أيضًا احمرار الجلد والتهابه، مما يزيد من الحكة والشعور المزعج. وعادةً ما تحدث هذه التفاعلات نتيجة الاستجابة لعامل محفز يؤدي إلى تفاقم الحالة.
ما هي محفزات الصدفية؟
تختلف محفزات الصدفية من شخص لآخر، وقد تكون محفزات جسدية، أو بيئية، تؤدي إلى مفاقمة أعراض الصدفية، ومن أبرز هذه المحفزات ما يأتي:
- التدخين.
- التوتر والإجهاد المفرط.
- درجات الحرارة المنخفضة والطقس الجاف.
- التعرّق.
- الاحتكاك.
- التعرّض لأشعة الشمس لفترات طويلة.
- التغيرات الهرمونية.
- الإصابة بعدوى تضعف الجهاز المناعي مثل التهاب الحلق.
- الإصابة باضطراب مناعي ذاتي آخر مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أو ما يُعرف بالإيدز.
- الإصابات الجلدية مثل حروق الشمس، أو لدغات الحشرات، أو الجروح.
- بعض الأدوية مثل أدوية الملاريا، وحاصرات بيتا (beta-blockers) المستخدمة لعلاج أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، والليثيوم المستخدم لعلاج بعض اضطرابات الصحة العقلية مثل الاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب.
ما هي أعراض الصدفية؟
يمكن تمييز الصدفية من خلال العرض الأبرز وهو تكوّن لويحات سميكة على الجلد، ولكن يصاحبها أيضًا مجموعة من الأعراض تختلف من شخص لآخر:
- احمرار الجلد والتهابه.
- جفاف الجلد وتشققه.
- الحكة.
- ألم في الجلد.
- أظافر سميكة ومجوفة، وقد تكون هشة وسريعة التكسر.
- آلام في المفاصل.
ما هي أفضل الطرق الطبيعية لعلاج الصدفية بالطب التكاملي؟
تُعد الصدفية من المشاكل الجلدية المزمنة والتي لا يوجد علاج لها حتى الآن، لكن يمكن لبعض الطرق الطبيعية والممارسات أن تساهم في تخفيف الأعراض، والحد من تفاقمها، إذ ازداد اهتمام العديد من الأشخاص بالعلاجات التكميلية والطبيعية لحل المشاكل الجلدية، وفيما يأتي نوضح أبرز الطرق الطبيعية المستخدمة في الطب التكاملي والتي يمكن أن تخفف من أعراض الصدفية:
1. تعديل النظام الغذائي
عند الحديث عن الطرق الطبيعية لعلاج الأكزيما فإنّ تعديل النظام الغذائي يأتي في المقام الأول لأهميته، إذ من المهم اتباع نظام غذائي يُعنى بصحة الأمعاء والتخفيف من الالتهابات. وذلك من خلال اتباع النصائح الآتية:
- تحسين صحة الأمعاء: من المعروف أنّ الإصابة بالالتهابات تبدأ من الأمعاء، لذلك فإنّ الحفاظ على صحة الأمعاء وصحة الجهاز الهضمي ككل يساعد على تقليل الالتهاب وبالتالي التخفيف من أعراض الصدفية، وذلك من خلال تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك والبريبيوتيك مثل لبن الكفير والمخللات، وتقليل تناول الأطعمة المصنعة مثل اللحوم الباردة والحلويات، والأطعمة الغنية بالسكر المضاف، في المقابل زيادة تناول الأطعمة الغنية بالألياف الصحية ومضادات الأكسدة مثل البروكلي والورقيات الخضراء، والتوتيات، والكركم.
- التقليل من تناول الأطعمة الغنية بالصوديوم: إذ إنّ زيادة الصوديوم قد تزيد من حدّة الالتهاب من خلال تحفيز خلايا مناعية محددة، لذلك من المهم استبدال الأطعمة المعلبة واللحوم المصنعة وخلطات التوابل الجاهزة بالأطعمة الطازجة واللحوم الطازجة، واستخدام التوابل المطحونة في المنزل.
- تقليل تناول الدهون غير الصحية مثل الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان، واستبدالها بالزيوت الصحية مثل زيت الزيتون والأسماك، والأفوكادو، والبذور والمكسرات.
- تقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين خاصةً من قبل الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاهها.
2. العلاج بالإبر الصينية:
يتمثل العلاج بالإبر الصينية وخز إبر معدنية رفيعة بأماكن محددة من الجسم بهدف علاج العديد من المشاكل الصحية، وهو أحد العلاجات المستخدمة في الطب التكاملي الذي قد يساعد في التخفيف من أعراض الصدفية، إذ وفقًا للأبحاث فإنه قد يساهم في التخفيف من الحكة، وتقشر الجلد، ويخفف من تراكم طبقات الجلد، كما أنّ آثاره الجانبية أقل مقارنة بالأدوية التقليدية، إضافة إلى كونه علاجًا منخفض التكلفة. وتشير الدراسات إلى أنّ العلاج بالإبر الصينية قد يساهم في التخفيف من التوتر الذي يُعد أحد محفزات الصدفية.
3. العلاج بالضوء:
يتمثل العلاج بالضوء بتعريض الجسم لمصدر ضوء لفترة زمنية محددة قد تصل إلى 30 دقيقة، وبمسافة محددة، حتى يتسنى للجسم امتصاص هذه الأشعة عبر العينين والجلد. إذ قد يساعد هذا النوع من العلاج على تقليل سرعة نمو الخلايا الجلدية مما يقلل من تراكمها على سطح الجلد، كما أنه قد يساعد في التخفيف من الالتهاب، وتقليل الاستجابة المناعية، بالإضافة إلى أنه قد يساهم في التخفيف من الحكة، وتعزيز استشفاء الجلد. ويمكن للجلوس تحت أشعة الشمس مع اتخاذ التدابير اللازمة أن يحل محل العلاج بالضوء الصناعي، لكن من المهم استخدام واقي الشمس، وارتداء نظارة شمسية وقبعة، وتجنب أشعة الشمس في ساعات الذروة ما بين العاشرة صباحًا والثالثة مساءً، والتعرض للأشعة لفترات قصيرة فقط لتجنب الحروق.
4. التخفيف من التوتر:
يُعد التوتر أحد محفزات الصدفية، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أنّ 31%-88% من الأشخاص تحفزت لديهم الصدفية بفعل التوتر، وأنّ الأشخاص الذين يعانون من التوتر بشكل دائم في حياتهم هم أكثر عرضة للإصابة بالصدفية، لذا من المهم التحكم بالتوتر والابتعاد عن مسبباته، ويمكن للطب التكاملي أن يعالج التوتر من خلال الاستعانة بالعلاج بالاسترخاء، والعلاج بالروائح العطرية، وممارسة التمارين الرياضية، واليوغا.
5. تناول المكملات الغذائية:
قد يلجأ الطبيب المختص إلى وصف بعض المكملات الغذائية إلى جانب اتباع نظام غذائي صحي متكامل لدعم صحة الجسم، وتشمل هذه المكملات الغذائية الأوميغا-3، وفيتامين د، وحبوب الكركمين، وعنب الأوريغون (Oregon Grape) الذي يتميز بخصائصه المضادة للبكتيريا والذي يدعم صحة جهاز المناعة، بالإضافة إلى الكابسيسين (Capsaicin) الموجود في الفلفل الحار.
6. استخدام الزيوت الطبيعية:
يتعرّض الجلد للجفاف والتقشر عند الإصابة بالصدفية، عندها من المهم الحفاظ على ترطيب الجلد باستمرار لتخفيف الجفاف، ويمكن ذلك من خلال استخدام بعض الزيوت الطبيعية التي توفر خصائص مرطبة للجلد، ومضادة للالتهاب، مع التنويه بضرورة تخفيف الزيوت الأساسية بالزيوت الناقلة كزيت جوز الهند أو زيت اللوز الحلو قبل وضعه على الجلد،
ومن أبرز الزيوت الطبيعية التي تخفف من أعراض الصدفية:
ازداد الاهتمام مؤخرًا بالعلاجات التكميلية والطبيعية لعلاج مختلف المشاكل الصحية من ضمنها الصدفية، إذ يمكن التخفيف من أعراضها بالاستعانة ببعض العلاجات التكاملية مثل الإبر الصينية، والزيوت الطبيعية، والعلاج بالضوء، إضافة إلى إجراء بعض التغييرات على نمط الحياة الصحية مثل اتباع نظام غذائي ملائم، والتخفيف من التوتر، والإقلاع عن التدخين كونها من محفزات الصدفية.